أسرة
كاملة كانت تعيش على الحرام، وتأكل الحرام.. ويقدّر الله ويهتدي أحد
أبنائها فيكون سبباً في هداية الأسرة كلها.. يروي القصة فيقول:
(أنا
شاب عشتُ حياة مترفة مع أبي في أحد الأحياء الراقية بالقاهرة، وكان الخمر
يقدم على المائدة بصورة طبيعية.. وكنتُ أعرف تماماً أن دخل والدي كله من
الحرام وخاصةً الربا... وكان بجوار بيتنا مسجد كبير فيه شيخ يسمى
(إبراهيم) وفي يوم من الأيام كنتُ جالساً في شرفة المنزل والشيخ يتحدث،
فأعجبني كلامه، فنزلتُ من الشرفة وذهبتُ إلى المسجد لأجد نفسي كأنني قد
انسلختُ من كل شيء، وأصبحت شيئاً آخر.
كان الشيخ يتحدث عن قول الرسول
صلى الله عليه وسلم: (أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به) فوجدتُ نفسي
لا أريد أن أدخلَ البيت، ولا أن آكل منه شيئاً، صرتُ أدخل وأخرج، وأتعمدُ
ألا آكل شيئاً وأجلسُ بعيداً عن أسرتي، وأضع أمامي قطعة من الجبن وبعض
(الفلافل)، وأسرتي أمامها كل ما تشتهيه النفس من الطعام. كادتْ أمي تموت
همّاً من أجلي، تريدني أن آكل معهم ولكني رفضتُ وأفهمتها أن مال أبي حرام،
وأنهم يأكلون حراماً ويشربون حراماً، فانضمتْ أمي إلىّ، والتزمتْ بالصلاة،
وبعدها انضمت إلينا أختي، أما أبي فقد أصرّ على فعله عناداً واستكباراً.
كنت
أتعامل مع أبي بأدب واحترام، وقمتُ أنا وأمي وأختي كل منا يجتهد في الدعاء
لأبي، كنتُ أقوم الليل فأسمع نحيب أمي وأختي وتضرعهما إلى الله أن يهدي
والدي.
وفي صباح يوم من الأيام استيقظ لأجد أبي قد تخلص من كل الخمور التي في البيت، ثم أخذ يبكي بكاءُ شديداً ويضمني إلى صدره ويقول:
سوف أتخلص من كل شيء يُغْضبُ الله.
ولما
حان وقت الصلاة، أخذتُ والدتي وذهبنا إلى المسجد، وصار يسمع خطب الشيخ،
والحمد لله تخلص من الربا ومن الخمور وأصبح بيتنا -ولله الحمد- مملوءاً
بالطاعات..).
من كتاب " العائدون إلى الله مجموعة من قصص التائبين " لمحمد بن عبد العزيز المسند